في حوارنا لشهر ايلول/سبتمبر حول الحق في التجمع السلمي ودور مؤسسات المحتمع المدني والحقوقين في ضمان هذا الحق، من 29 ايلول/سبتمبر - 2/تشرين الأول/اكتوبر، بالشراكة مع مؤسسة المناظرة لنشر ثقافة الحوار. قام الأستاذ باسل الحمد من مؤسسة مناظرةبتسيير الحوار، وشاركنا في هذا الحوار كل من الأساتذة أحمد عوضمن مركز الفينيق للدارسات الإقتصادية والمعلوماتية، والأستاذ صدام ابو عزام باحث وناشط في حقوق الإنسان، والأستاذ فادي قرعان منمؤسسة الحق ، والناشطة الحقوقية لين خياط، والأستاذ محمد بوعمريران من الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، والأستاذ إصغير خلايفية من جمعية الحوض المنجمي.
لقد تطرقنا في هذا الحوار لعدة محاور شملت: ما هو دور ومسؤولية مؤسسات المجتمع المدني والحقوقيين في ضمان حق التجمع السلمي وما هي التحديات التي تواجهم، وكيف تكون التظاهرات فعالة وذات نتيجة، وما هو دور مؤسسات المجتمع المدني والحقوقين في توثيق الإنتهاكات وما الهدف من التوثيق، كيف يمكن الحفاظ على سلمية التظاهرات، وسلامة المتظاهرين، وما هي التكتيكات التي تستخدم لحماية المتظاهرين لتجنب القمع والعنف.
تالياً ملخص لبعض المقتطفات التي تم تغطيتها في الحوار من قبل قادة الحوار وميسر الحوار المذكورين أعلاه.
ان حرية التجمع السلمي ركن اساسي من حرية الرأي والتعبير والتي تعتبر مقدمة لحقوق الإنسان، فحرية التجمع السملي تعني أن يتمكن الأفراد من الاجتماع في الأماكن العامة ليعبروا عن آرائهم بالخطابة أو المناقشة أو بتبادل الرأي. والحقيقة أن حرية التجمع السلمي أو حرية الاجتماع السلمي تعتبر من الحقوق المعنوية التي تؤثر بصفة مباشرة على الرأي العام.
ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه"لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الاجتماعات ... السلمية"( مادة20) إن هذا النص يحتوي على مبدأ واحد هو الحرية لكل شخص للاشتراك في الاجتماعات العامة السلمية. والحقيقة أن أغلبية الدساتير العربية لا تنص بصورة مباشرة على حرية المواطن في الاشتراك في الاجتماعات السلمية, ولكنه يقر للمواطن بالحق في الإسهام في الحياة السياسية, وبأن تكفل الدولة له حرية ابدأ الرأي بالقول ...في حدود القانون .
والمنطق بفرض أنه لا يجوز وضع من القيود على ممارسة الحق في التجمع السلمي لأن الحق في التجمع السلمي أصبح من آليات التعبير الحر في مجتمع ديمقراطي أو في مجتمع ينتقل إلى الديمقراطية.
ومن الممكن ان نوجز قضايا التجمع السلمي والتي تكاد تكون نفسها في أغلب بلدان العالم ضمن المجموعات التالية:
* تضامن مع ضحايا اضطهاد فكري
* تضامن مع سجناء محرومين من حقوقهم
* دعم حرية الصحافة
* مطالبة بإنتخابات نزيهة وشفافة وتخضع لمقاييس يتم ضبطها
* احتجاج على قوانين او سياسات اقتصادية
* احتجاجات عمالية
لقد كان وما زال للربيع العربي دور كبير في إبراز العديد من الانتهاكات والاشكاليات التي رافقت موجة الاعتصامات والتظاهرات وتحديدا الحق في التجمع، سيما وان ملامح هذا الحق لم تستقر بعد في كثير من الدول العربية. ويأتي دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز هذا الحق وضمانه من خلال العمل عدة ادوار وهي: الدور التشريعي، الدور التنظيمي، الدور الإعلامي، والدور الأممي، وإرساء الديمقراطية.
ان دور مؤسسات المجتمع المدني في الحفاظ على حق التجمع السلمي مركب وتراكمي وعملية رصد الاعتصمات والمسيرات هي احد الادوار التي يمكن القيام بها وتمثل دوراً جوهريا يترتب عليه قياس مدى احترام الاشخاص الملكفين بانفاذ القانون بالمعايير الدولية ومن جهة اخرى يكشف عن النهج العام الرسمي في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية ومدى الاخذ بمضمون هذه الاحتجاجات.
اذا ما تأملنا واقع منظمات المجتمع المدني نجد ان هناك العديد من التحديات والمعيقات التي لاتزال تواجه هذه المنظمات اثناء عملها ويمكن اجمالها بتحديات ذاتيه وموضوعية، اضافة الى ان المنطقة ما زالت تعاني من عدم فصل السلطات والتحكم بها من نفس الجهات النافذة التي تنتهك الحقوق الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
رصد الإنتهاكات والتوثيق:
من المهم ان نعرف ما المقصود بكل من عملية الرصد والتوثيق
الرصد: هو عملية استعلام منظمة للحصول على معلومات صحيحة، ودقيقة، وموثقة، وأيضاً عملية الحصول على الأدلة والبراهين.
التوثيق: هو مجموعة العمليات الفنية التي تهدف إلى معالجة وتحليل الوثائق والمعلومات والأدلة وحفظها بطريقة يسهل استرجاعها بهدف استخدامها.
من وظائف الرصد: جمع المعلومات وتقييمها، رصد المظاهرات، مراقبة المحاكمات، مراقبة الانتخابات، زيارات للمحتجزين، إجراء المقابلات.
- ماذا نرصد ونوثق؟ معلومات حول الضحايا و الجناة ووقائع الانتهاك، وكذلك المصادر المعتمدة لتوثيق الانتهاك مثل التقارير الطبية وشهادات لشهود.
- أهداف الرصد والتوثيق هي: مساعدة الضحايا، وكشف وفضح الانتهاكات، ومنع تكرار الانتهاكات، ونشر الوعي بالحماية، وتدعيم الدعاوي القضائية, والحفاظ على الأدلة، ومراقبة أداء الجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون، وتدعيم التقارير المرفوعة إلى لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
من التحديات التي تعوق عملية الرصد و التوثيق فرض حظر التجول، وتهديد السلامة الشخصية وأمن الراصد، أو الضحايا، أو الشهود، اضافة لنقص التدريب على مهارات الرصد والتوثيق.
ألا إنه على الجهة أو الجمعية القائمة بعملية الرصد التأكيد على احترام القانون وتحديد مهام واضحة ومفصلة للرصد والراصد، و توضيح الآثار والمخاطر.. وعلى الراصد في كل الأحوال إتباع الإرشادات المبينة والصادرة عن الجهة أو الجمعية المعنية وعدم اللجوء إلى الإجتهاد أو البطولات الفردية، وينبغي على الراصدين أن يكونوا على معرفة كاملة بالمعايير الوطنية والدولية لحقوق الإنسان فهي تحدد الاختصاص وتوفر أساس قانوني سليم لعملية الرصد.
توصيات حول دور مؤسسات المجتمع المدني والحقوقين في ضمان وحماية المتظاهرين وحق التظاهر.
1- على منظمات المجتمع المدني والناشطين والحقوقيين تطوير أساليب تفاعلية للتعامل مع الإحتجاجات وعمل جلسات حوارية للحديث عن الموضوع بهدف تعميق الفهم والنقاش لهذا الحق، وتبني استراتيجيات واضحة ومحددة للتوعية وتخصيص جزء من عملها لرصد وتقييم الجهود في مجال الدفاع عن هذا الحق.
2- على المنظمات أن تلعب دوراً فاعلاً في الضغط على المشرعين لتطوير تشريعات تحترم هذا الحق وتكفله وتضمن للأفراد بممارسته، وتمكين الأفراد من ممارسته من خلال اقتراح قوانين وفقرات قوانين ومحاربة المعالجة الأمنية القانونية وتبيان خطرها على المجتمع.
3- على منظمات المجتمع المدني تطوير استراتيجيات تواصل مع المحتجين أنفسهم وتوعيتهم بأهمية التدرج في عرض المطالب وتدريبهم على أساليب التواصل الفعال وأساليب المفاوضة والحوار مع السلطات وتطوير استراتيجيات ضبط للمظاهرات فاعلة.
4- على المنظمات الحقوقية أخذ الجانب السلوكي في التعامل مع الجهات ذات العلاقة فالعمل على تطوير علاقة إيجابية مع الجهات الأمنية مسبقاً وتطوير قنوات اتصال مفتوحة مع المسؤولين الأمنيين في الميدان والمرافقين للمظاهرات وتطوير علاقة إنسانية معهم تضمن حداً أدنى من الانتهاكات.
5- على منظمات المجتمع المدني مراقية الاعتصامات والمظاهرات والتواصل مع المنظمين قبل المظاهرات لتوعيتهم بالجوانب القانونية، ومحدودية القانون، وطبيعة العقوبات التي قد تقع على المشاركين، كما عليها أن تكون حاضرة في المظاهرات بشكل واضح بحيث يمكن الوصول لها سهل بحيث تعرف كل من السلطات والمتظاهرين بوجودها وسهولة الوصول لها، والتواصل معها، وعليها أن تشكل فرق مدربة بشكل موضوعي ومحايد للتعامل مع الانتهاكات التي تقع أثناء ممارسة هذا الحق.
6- على منظمات المجتمع المدني تطوير علاقة تواصل مع السلطات تقوم من خلالها بطرح حلول ومقترحات تسهل المهمة للجميع واقتراح أساليب تفاعلية مفيدة واقتراح صيغ بديلة للتعامل مع الاعتصامات والمظاهرات وتدريب كوادر الأمن والشرطة على التدرج في استخدام القوة وعلى كيفية إدارة الجموع وغير ذلك من المعايير الضرورية لتمكين الكوادر الأمنية من التعامل مع المتظاهرين بما لا يتنافى مع حقوق الإنسان.
7- على منظمات المجتمع المدني العمل على تعزيز الجانب التشريعي بحق التظاهر ومحاسبة من ينتهك هذا الحق.
تعتبر حرية الرأي والتعبير حجر الأساس للعديد من الحقوق المدنية والأساسية، كما تعتبر حرية التجمع السلمي وتشكيل الأحزاب، والجمعيات، والنقابات مقدمة فيحقوق الإنسان، وتعزيزاً للإستقرار السياسي، وللمسار الديمقراطي، ولتمكين الافراد والجماعات من ممارسة حقهم كمواطنين.
وترتبط حرية التجمع السلمي بكافة اشكاله من اعتصامات وتظاهرات ومسيرات وكتابة عرائض وجمع التوقيعات والإضراب عن العمل1 ارتباطاً وثيقاً بحرية الرأي والتعبير بإعتباره احد اهم مظاهرها. كما انه مكفولة ضمن القانون وضمن كافة المواثيق والإتفاقيات الدولية.
يهدف التجمع السلمي بكافة اشكاله لتسليط الضوء على قضايا تلقى اهتماماً او تكون غائبة عن المواطنيين، اما لإظهار تأييد واسع لقضية معينة، او وسيلة للإحتجاج على قرارات او مواقف معينة، او كوسيلة لتداول الآراء في مختلف المواضيع السياسية والاجتماعية وغيرها بإعتبارها اداة لممارسة الديمقراطية.
في هذا الحوار سناقش دور مؤسسات المجتمع المدني والحقوقيين في ضمان حق التجمع السلمي بكافة اشكاله وكيفية الإبقاء على سلمية التظاهر وعدم التعرض للقمع وحماية انفسهم من قبل قوات الأمن او الطرف المعارض و/او عدم اندفاع المتظاهرين نحو العنف.
1 هناك دول تقنن حق الاضراب, وهناك دول اخرى تتجاهل هذا الحق، وهناك تشريعات دول اخرى تضع عقوبات جنائية على قيام العمال بالاضراب. وقد جاء النص على حق العمال في الاضراب بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمادة (8/1/د) منه حيث نصت (تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي: (د) حق الاضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى