في البداية أوضح الأستاذ شرف ان مؤشر مدركات الفساد الصادر من منظمة الشفافية العالمية ليس المؤشر الوحيد ولكن يعتبر الاشمل لتصنيف الدول وذلك لان المؤشر لا يقيس الفساد نفسة ولكن يقيس البيئة الشجعة على الفساد وأوضح ايضاً انا الدول التي يقع فيها الصراعات الداخلية والانفلات الأمني وتعاني من الدكتاتورية والاستبداد هي الدول التي تقع في اسفل القائمة من مؤشر الفساد، وعلى الرغم من ذلك الا ان 4 دول عربي فقط اجتازت نسبة 50% أي نسبة النجاح على المؤشر ولهذا السبب حصل إقليم الدول العربية من منتظمة الشفافية الدولية على معدل درجات يصل الى 34% بمعنى ان هذا الإقليم يعتب الاسواء في معدل الفساد، توجد عدة عوامل تؤثر على قياس النقاط على مؤشر الفساد منها الرشوة، اختلاس المال العام، استغلال المناصب، النزاهة في القطاع العام، الأعباء البيروقراطية، الوساطة في التوظيف وامور اكثر لقياس النقاط على المؤشر وبذلك يمكننا ان نرى ارتباط ارتفاع الفساد مع ازدياد انتهاكات حقوق الانسان، حيث ان الجهات التي تستفيد من الفساد تقوم بكل ما يمكن فعلة من انتهاكات لحقوق النسان لمنع فضح الفساد.
من امثلة الفساد الذي ينج عنه انتهاكات حقوق انسان، محاولة إعطاء المواطنين مطاعيم لفيروز كورونا والتي اوقفها انتشار المعلومة قبل حصول هذا الامر، وايضاً استغلال جائحة كورونا لإدخال المواد الغذائية دون الخضوع للفحوصات المطلوبة والمناسبة.
واما موضوع كيفية تحسين او رفع النقاط على مؤشر الفساد أشار الأستاذ احمد ان الامر متصل بتحسين وتعزيز معاير حقوق الانسان وبالأخص موضوع حرية التعبير، اذ ان الدول الموجودة في اسفل جدول مؤشرات الفساد هي نفسها الدول الموجودة في اسفل قامة حقوق الانسان وحرية التعبير ومن الأمثلة مصر حيث تتواجد في اسفل القائمة لان هذان الجدولان متصلان ولا يمكن فصلهما فتطبيق حقوق الانسان في أي دولة يعطي القوة على مواجهة الفساد فلا وجود لحكم رشيد بغياب الحكم العادل، وان بعض الدول استخدمت جائحة كورونا كمنقذ او فرصة لانتهاك المزيد من الحقوق وتقيد الحريات العامة وبالتالي الاستمرار في الحصول على مستويات اقل على مؤشر مدركات الفساد.
شارك الأستاذ داني عن وضع لبنان على مؤشر مدركات الفساد اذ كان في عام 2012 عاصل على 30 نقطة وفي عام 2020 حصل على 25 نقطة أي تأخر 5 نقاط مما أدى الى وضع لبنان تحت المجهر لمعرفة سبب تطور الفساد في لبنان وازدياده، يقيس مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام ويتكون من 13 مصدر، في لبنان النتيجة سلبية بسبب عدم وجود حكومة وأوضاع اقتصادية صعبة وعدم وجود خطة اقتصادية إصلاحية، تم إقرار سلسة من القوانين لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية مثل حق الوصول للمعلومات، استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، حماية كاشفي الفساد، استرداد الأموال المنهوبة والكثير من القوانين الرادعة، لكن المشكلة في عدم تطبيق هذه القوانين وعدم وجود وعي من المواطنين لضرورة تطبيق هذه القوانين وذلك بسبب اهتمامهم بتوفير لقمة العيش الأساسية وعم الاهتمام بالمساءلة وتطبيق هذه القوانين، من جهة أخرى المجتمع المدني يحاول تكوين قوة تغيرية واستعداد للانتخابات النيابية القادمة ولكن من جهة أخرى التغير ليس بالأمر السهل في ظل المور التي ذكرت من قبل، اذا مؤشر مدركات الفساد يظهر مدى سوء الأوضاع في لبنان وخصوصاً ان الدورة الاقتصادية مغلق في لبنان.
شارك الأستاذ توفيق الفكر في ان الدول الأربع التي تعدت خط ال50% على المؤشر جميعها من دول الخليج وهذا يوضح ان المؤشر ليس مرتبط في الحكم الرشيد ولكن مرتبط في القدرة على تسير الشأن العام ورقمنة الإدارة وتعسير التصرف في الأداة العمومية ولا يعكس حقيقة الوضع السياسي العام الذي يسود علية الاستبداد والانفراد في السلطة وهذا الوضع في المنطقة العربية ليس امر فردي من دولة او نظام واحد انما هو تحالف طبقي مستفيد من وضعية الاستبداد لأجل ضمان استمرار المصالح الاقتصادية والاجتماعية اذا الفساد في المنطقة له أساس وقاعدة اجتماعي قوية مستفيدة من استمرار هذا الفساد وعدم تطبيق القانون، وهذا ما يجب توضيحه لدى نشطاء حقوق الانسان لوضع استراتيجية فعالة لتعزيز الحكم الرشيد والديمقراطية ومقاومة الاستبداد.
في تونس هنالك نوع من عدم الانسجام حيث وضع الدستور بطريقة تشاركية وكان للمجتمع المدني في تونس دور مهم وحساس في تظمين المعاير الكونية لحقوق الانسان وخاصة باب الحقوق والحرية، ايضاً وجود هيئات تعديلية مثل هيئة مكافحة الفساد وهيئة الوصول الى المعلومات، ايضاً وجود مجتمع مدني نشط وقوي، لكن رغم كل هذا لا تزل تونس في مستوى مدني على المؤشر ب 44 نقطة والمرتبة 69 عالمياً، ما هي أسباب هذا المستوى:
- منظومة الحكم لم تتخلص من تحالفات سياسية اجتماعية من شائنها ان تحمي دوائر اعمل تحتوي على شبهات فساد قوية.
- جهاز قضائي لم يستطع ولم يتخلص من النظام السابق وتبعاته.
- وجود نوع من الثقافة الاجتماعية التي تبرر وجود أنواع من الفساد الصغير.
في النهاية لا يمكن مواجهة الفساد والارتفاع على مؤشر الفساد دون تطبيق نظام ديمقراطي والنضال للوصول الى حقوق الانسان، وخلال جائحة كورونا أصبح الفساد يؤثر على اهم حق من حقوق الانسان الا وهو حق الحياة نفسها.
بما يخص الأردن شاركت الأستاذة سناء العواملة من مؤسسة رشيد للشفافية بتحليل التقييم على المؤشر لسنة 2020 حيث ان الأردن ارتفع بمقدار نقطة واحدة على المؤشر 49% وحافظ الأردن على الترتيب 60 من أصل 180 دولة على المؤشر، حصول الأردن على هذه النقطة كان نتيجة تقدم النقاط على معاير سيادة القانون بمقدار 3.25، وتراجع بمقدار 1.89 على معيار مؤشر أنماط الديمقراطية، وكما يحافظ الأردن على الترتيب الخامس عربياً بعد كل من الامارات وقطر وعُمان والسعودية.
ترتبط هذه الأرقام والمؤشرات بحقوق الانسان في الأردن حيث ان هذه الأرقام تعكس حالة حقوق الانسان ومدى الحكم الرشيد ونظراً لتعدد المعاير المعتمدة في تقييم الدول والنطاق الجغرافي الكبير الذي يغطيه المؤشر حيث تتوفر المصداقية اذ يتم احتساب 3 مصادر مختلف للقياس وقد تصل الى 13 مصدر، والأردن يعتمد على 8 مصادر للتقييم، كمان ان مؤشر مدركات الفساد يعتمد التقييم النسبي من 1 الى 100 وهو ما يميزه عن باقي المؤشرات الأخرى حيث قد تكون ارقام من 1 الى 7 واخرى 1 الى 10، وبما ان المؤشر قادر على التوثيق بين مختلف جوانب الفساد في مؤشر واحد وهذا ميزة إضافية.
توصيات لتحسين والحصول على درجات اعلى على المؤشر:
- تعزيز دور الهيئات والمؤسسات الرقابية من خلال رصد الأموال والموارد الكافية وتعزيز الاستقلالية الإدارية اللازمة لأداء واجباتها والحد من الافساد وزيادة الحكم الرشيد.
- موائمة التشريعات بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحد لمكافحة الفساد والاتفاق الثنائية.
- تحديث وتجويد النصوص القانونية.
- ضمان حق الحصول على المعلومة والافصاح الاستباقي عن المعلومات وان يكون واضح وقابل للتحليل الالكتروني وبشكل دوري.
- نشر البيانات بشائن الانفاق العام وتوزيع الموارد بشكل عام وفي حالات الطوارئ بشكل خاص وهذا ما يخلق نوع من تعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
- تعزيز الدمقراطية والفضاء المدني من خلال توفير منظومة تشريعية واضحة تعمل على تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني اضمان إعطاء المساحة والحرية لتنفذ المشاريع واستقلالية عملها.
- حماية المبلغين عن الفساد ودعم من عانوا من الفساد.
- انشاء سجلات مركزية شفافة للشركات الأجنبية.
- ملاحقة الفاسدين وضمان حصولهم على محاكمة عادلة.