عرض عام
لقد استخدمت الإذاعة العامة الإفريقية [African Public Radio (APR)] نفوذها كوسيلة من وسائل الإعلام للتأثير على الأفراد والجماعات ممن يستطيعون إصلاح الأوضاع في المستشفيات البوروندية، حيث كان يتم احتجاز الفقراء رغماً عن إرادتهم بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج. وفي النهاية وبالمشاركة مع المؤسسات المحلية غير الحكومية نجحت الإذاعة العامة الإفريقية في ممارسة الضغط على الحكومة كي تصدر أوامرها بإطلاق سراح هؤلاء.
ففي بوروندي التي مزقتها الحرب، يوجد كثيرون ممن لا يملكون المال للحصول على العناية الطبية. ومما زاد من حدة المشكلة أن انهيار النظام الحكومي في حقبة التسعينات قد أدى إلى الحد من قدرة الدولة على دعم النظام الصحي. وقد بدأت المستشفيات، وهي تواجه أزمة في الموازنة وارتفاعاً في المديونية، باحتجاز الأشخاص الذين لا يستطيعون دفع فواتيرهم. ولم تعتبر المستشفيات هذا الإجراء قضية تتعلق بحقوق الإنسان، حيث أنها كانت تشعر بأن من كان يدينها هم الأشخاص العاجزون عن الدفع.
فبعد أن تمكنت الإذاعة العامة الإفريقية من الوصول إلى المحتجزين وكسب ثقتهم، قامت بإجراء مقابلات سرية معهم وأذاعت ما أدلوا به من أقوال. وقد تضمنت المواد المذاعة رسائل استهدفت جماعات بعينها وأفراداً يملكون السلطة لتصحيح الوضع. وبعد البث الأول ضمّت الإذاعة جهودها لباقي القوى من المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، حيث استضافت مؤتمراً صحفياً موسعاً حول العناية الصحية شارك فيه موظفون حكوميون وغيرهم من الأشخاص المتنفذين. وقد تناول النقاش الأخير عمليات الاحتجاز نفسها وتمت ممارسة الضغوط على الحكومة كي تتجاوب.
وفي إبريل/نيسان 2002 حظر مجلس الوزراء على المستشفيات حجز المرضى، وأصدر أوامره بإطلاق سراح جميع المحتجزين. وقد شكلت الحكومة أيضاً لجنة حكومية لمعاينة القضايا الأكبر المتعلقة بالعناية الصحية والإصلاحات المتعلقة بالسياسة الصحية الوطنية.
لا يقر مشروع التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان أو يؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا معينة.
يستطيع الصحفيون استخدام مكانتهم في المجتمع لتعزيز الوعي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وللتأثير على من هم في السلطة لحثهم على إدخال التغيير. فمن خلال استخدام الإذاعة استطاع الصحفيون في بوروندي إقناع الزعماء الرئيسيين بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في المستشفيات.
وكان أحد العناصر الرئيسية لهذا التكتيك هو التعرّف على هدف المواد التي تتم إذاعتها: ما هي المجموعة أو المجموعات التي لديها القدرة على تغيير الأوضاع في المستشفيات وفي الوقت نفسه تكون متلقية للرسالة؟ وفي هذه الحالة كان هؤلاء هم الموظفون الحكوميون الذين كانوا ملتزمين أدبياً باتخاذ الإجراءات الضرورية بعد أن أصبحت القصص معروفة لدى العامة. ويكشف هذا التكتيك أيضاً قوة القصص، حيث أن قصص الضحايا عندما تصبح في متناول الأفراد الذين يمكنهم الوصول إلى خشبة المسرح تستطيع أن تغير السياسات الوطنية.
ولقد كان من الممكن أن يأتي هذا التكتيك بنتائج عكسية لو أن المستشفيات قررت في حينه حرمان المرضى، ممن ظهروا في البرنامج الإذاعي، من العناية الطبية في المستقبل. وكان من الممكن أن ينجم عنه إحراج للمرضى لو كانت هناك وصمة عار تكتنف مرضهم. ولكي يصبح هذا التكتيك ناجحاً فإنه يتطلب انشغال الصحفيين به، وأن تكون لديهم الرغبة في العمل من أجل تحقيق التقدم فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.