لقد انتهى حوارنا لشهر كانون الثاني / يناير حول تعامل الحكومات والمجتمعات مع وباء كورونا والحجر الصحي، والذي امتد من 1 آيار (مايو) وحتى 5 آيار (مايو) 2020.
أدى تفشي وباء كورونا إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم مما أجبر العديد من دول العالم الى إخضاع مواطنيها للحجر الصحي الإجباري لمدة زمنية تصل الى أكثر من 14 عشر يومًا.
من خلال الحوار قمنا بمناقشة الإجراءات التي اتبعتها الدول للحد من انتشار هذا الوباء وماهي الحلول التي اتخذتها الحكومات للتخفيف من ضغوطات الحجر الصحي والقوانين الاضافية التي تبعت الحجر.
ومدى استجابة المواطنين لهذه الإجراءات وتعاونهم مع الظروف الجديدة والتكتيكات التي قاموا بها لتخفيف ضغوط الحجر الصحي الالزامي بالإضافة الى المبادرات التي قامت بها مؤسسات المجتمع المدني لمساعدة الحكومات والمواطنين لاجتياز هذه الفترة وما هي الأدوات التي استخدمت لتنفيذ المبادرات والتكتيكات على ارض الواقع.
كان معنا في الحوار كل من قادة الحوار:
- محمد العلاونه
- وليد علي عبدي
- عصام خايف الله
- زكرياء رحموني
- صفوان حيون
- يوسف العلوي
- أحمد محمد عبد الله بازاما
- منال مطيمط
- بوشبوت جمال
- عرين حسن عيده
تالياً ملخص لأبرز ما تم ذكره بالحوار "عند الضغط على الكلمات الملونة سيظهر لكم التعليق الذي تم ايراده اثناء الحوار"
ما هي الإجراءات التي قامت بها الدولة التي تعيش فيها؟
أعلنت الحكومة الفلسطينية حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما في فلسطين، واشتملت على مجموعة من التدابير الوقائية والاجراءات الاحترازية، حيث يتم إغلاق كافة المرافق التعليمية من مدارس ورياض أطفال وجامعات ومعاهد، يكون موظفو الوزارات والمؤسسات الحكومية على رأس عملهم إلى حين صدور تعليمات أخرى، يكون جميع الأطباء على رأس عملهم في جميع المرافق الطبية وأخذ كامل الاحتياطات لحماية شعبنا وسلامته، تمنع أية مظاهر للتجمهر والتجمع والاحتفالات والتظاهرات والإضرابات في كامل أراضي دولة فلسطين، إغلاق كامل المناطق السياحية والدينية، توضع كامل إمكانيات القطاع الخاص لمساندة حالة الطوارئ ويمنع التجار من استغلال الظروف ورفع الأسعار واحتكار البضائع والسلع، الحركة بين المحافظات فقط في حالات الضرورة القصوى وخاصة في محافظة بيت لحم، ندرس إغلاق الجسور والمعابر بين فلسطين وبقية أنحاء العالم عندما تقتضي الحاجة، تلغى أي مؤتمرات وطنية أو دولية في فلسطين، يكلّف كل محافظ في محافظته بتنفيذ هذه الإجراءات مع بقية أجهزة الدولة المختصة في المحافظات وتشكّل لجان متابعة من الأجهزة برئاسة المحافظ، يمنع أي تصريحات إعلامية من أي مسؤول إلا من يخوله رئيس الوزراء، يتم نشر قوى الأمن بكافة تجهيزاتها في كافة المحافظات كل حسب المنطقة المكلف بها، تعتبر فترة الثلاثين يوماً مدفوعة الأجر لكل أجهزة الدولة.
في بادئ الامر قامة الحكومة بإيقاف حركة الطيران لمنع دخول حالات وافدة جديدة، ثم بعدها عملت على فرض حظر صحي، فلا يكون الخروج الا للضرورة وبترخيص، وانشاء صندوق لمحاربة الوباء حيث يتم من خلال هذا الصندوق دعم الفئات الهشة والفقيرة، وايضا دعم المقاولات التي تأثرت بطريقة مباشرة من الوباء، كما تم من خلاله تأهيل المؤسسات الصحية واقتناء مجموعة من الاسرة وأجهزة التنفس الصناعي لمواجهة الفيروس.
كما اتخذت الحكومة ايضا قرارا يقضي بتتبع الدراسة عن بعد، وأنشأت لذلك منصات الكترونية، كما أن القنوات العمومية المغربية تبث مجموعة من حلقات الدروس لفائدة مختلف المستويات الدراسية، وللتسهيل على المواطنين وتم اعطاء التراخيص لفرد واحد من كل اسرة حتى يتسنى له الخروج عند الضرورة لشراء المقتنيات الضرورية للمنزل.
سرد زمني للإجراءات التي قامت بها الحكومة المغربية
كان هنالك الكثير من القرارات والإجراءات ومن أبرزها حظر التجمعات في الأماكن العامة "لأي سبب كان"، وتعطيل الدوام الرسمي في المؤسسات التعليمية والجامعية، وذلك لمدة 10 أيام. وكخطوة اولى. وشملت القرارات غلق المحلات العامة، كما دور السينما والمقاهي والنوادي والمنتديات الاجتماعية المختلفة، إضافة إلى منع سفر العراقيين إلى 9 دول، هي: الصين، إيران، الكويت، اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، إيطاليا، تايلاند، البحرين.
تشكيل خلية ازمة قطرية خاصة بالتعامل مع فايروس كورونا المستجد التي بإمكانها اتخاذ الإجراءات التي تصب في مصلحة المواطن وتتابع تطورات هذه الازمه والتصرف وفق هذه التطورات.
الاجراءات في اقليم كوردستان-العراق
منع الدخول من والى محافظات الاقليم وباقي المحافظات الاخرى التابعة اداريا للحكومة المركزية كخطوة استباقية مع الوضع وبدأ تطبيق العزل الذاتي ومنع التجوال، وقد نجحت حكومة الاقليم في إبقاء الفيروس تحت السيطرة نسبيا على الرغم من انتشارها وخطورتها في محافظتي السليمانية واربيل. في ظل حملات توعية صحية ممتازة قلّلت الحاجة إلى تطبيق تدابير السيطرة والإكراه.
تطبيق اجراءات الحظر الذي حدد بواقع 12 ساعة يوميا وإقفال جل المحلات التجارية والمولات الغذائية والصالات الرياضية والمقاهي والحلاقة تجنباً للازدحام واتخاذ تدابير الصرف الكتروني بالمصارف والمندوبين للقطاعات الحكومية لصرف مرتبات للموظفين وتوفير المواد الغذائية للمحال الصغيرة في الأحياء وكذلك نفس الحال بالنسبة للمخابز وقصابي اللحوم.
بجانب علاج المرضى اثناء فترة الحظر بالاتصال بأرقام الطوارئ "طبيبك في بيتك" والاستعانة بالتعليم عن بعد للتلاميذ والطلاب في مختلف المراحل الدراسية، وتقديم المساعدات الانسانية للفئات الهشة والمستضعفة في المجتمع من خلال بعض الجهات كهيئة الأوقاف وشئون الزكاة وجمعية الهلال الاحمر الليبي.
وتشكيل لجنة مختصة بالجانب الدعم النفس الاجتماعي لتقديم الدعم المرجو لكافة العائلات وخاصة افراد المجتمع الأكثر هشاشة وإجراء مسوحات اجتماعية حيالها.
كما تم اصدار قرار بمنع التجول بين المدن والمناطق الا للحالات الضرورية والملحة "الخضروات والفواكه واللحوم والسلع الغذائية والعلاج ".
اتخذت الحكومة التونسية العديد من التدابير الوقائية قبل ظهور أول حالة مستوردة. إذ تم تكوين هيئة وطنية لمجابهة كرونا كهيكل تنسيق وطني تحت إشراف رئاسة الحكومة وهيئات جهوية ومحلية واستراتيجيات وزارية للتصدي لهذا الفيروس.
وتم اتخاذ العديد من القرارات مثل:
- إغلاق الحدود البرية بصفة كلية والحدود الجوية مع إيطاليا، وتقليل الرحلات مع فرنسا ومصر واسبانيا وبريطانيا وألمانيا، وتطبيق الحجر الصحي بصفة آلية على الوافدين التونسيين والأجانب.
- إغلاق المقاهي والملاهي والمطاعم ابتداء من الساعة الربعة مساء.
- تعليق أداء صلاة الجماعة بما في ذلك صلاة الجمعة.
- كل البطولات الوطنية والتظاهرات الرياضية ستدار دون جمهور.
وبعد ذلك تقرر انطلاق العمل بالحجر الصحي العام وملازمة كل المواطنين والمواطنات والمقيمين بالبلاد التونسية لمنازلهم إلا لقضاء شؤونهم الأساسية وفي الحالات الضرورية على غرار التزود والعلاج. ويستثنى من ذلك العاملون في القطاعات التي سيتم تحديدها سواء كان ذلك في القطاع العام أو القطاع الخاص.
دعت الحكومة المواطنين الى الالتزام بقواعد الوقاية والتباعد الاجتماعي ونظرا لكثرة الوافدين من الخارج وعدم التزام المواطنين ارتفع عدد المصابين مما أدى الى تطبيق الجحر كالتالي:
- وضع كمرات حرارية في المطارات وتقليص عدد الرحلات في بادئ الأمر ثم توقيفها واجلاء الرعايا الجزائريين العالقين في الخارج واخضاعهم للحجر الصحي في اماكن مخصصة على حساب الدولة.
- غلق كل المنافذ الحدودية
- اجبارية غلق كل الانشطة باستثناء تلك المتعلقة بالمجال الصحي والتموين الغذائي
- مزجت الحكومة بين الحجر الكلي والجزئي
في بداية الأمر تم تطبيق الحجر بصرامة مع معاقبة المخالفين ومع مرور الوقت بدأت هذه الإجراءات تؤتي اكلها بتراجع عدد الإصابات مما دفع الحكومة الى تمديد وقت الحجر ال 5 مساء مع السماح لبعض الأنشطة الاقتصادية والحرفي بالنشاط على غرار الحلاقة والخياطة وصناعة وبيع الحلويات وبيع الأواني والالبسة
ما هي ردود فعل المواطنين ومدى استجابتهم للإجراءات؟ وكيف خرجوا من القالب التقليدي خلالها؟
اختلفت نسب وأرقام انتشار المرض بين المواطنين من بلد الى اخر وهذا ما جعل إجراءات الحكومات والحجر مختلف في النسب وأيضا اختلفت ردود فعل وتقبل المواطنين للظروف والقرارات الجديدة
أول ظهور لفيروس كورونا، بدأ في مدينة بيت لحم، وصدر قرار بالإغلاق الشامل للمدينة كمحاولة لعدم تفشي الفيروس، وكان هناك استجابة عالية جداً من المواطنين في محافظة بيت لحم والتزام عالي جدا، ساعد في عدم انتشار الفيروس عن طريقهم.
بالمقابل قضية العمال الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة، حيث أنه من البداية تم السماح لهؤلاء العمال بالذهاب والعمل بالداخل على أن يلتزموا بفترة الحجر الصحي، ولكن بعد فترة وجيزة تم الطلب منهم العودة والالتزام بالحجر المنزلي، ونتيجة لعدة عوامل أهمها عدم التزام المواطنين في القرى بالحجر الصحي الصحيح 100% بدأ الفيروس يتفشى في القرى التي يتواجد بها عمال عائدون من الداخل المحتل.
كما بدأت الحكومة بسحب القرارات المشددة لحركة المواطنين، مع العلم أنه مازال هناك حالات تظهر ومناطق تغلق بسبب التفشي بها، وغدا هو اخر يوم من حالة الطوارئ التي تم تمديدها مرة أخرى، حيث أنه بنص القانون الأساسي الفلسطيني (الذي يعتبر بمثابة الدستور) لا يمكن تمديد حالة الطوارئ إلا لمرة واحدة، وتم التجديد وانتهى، وسأضع هنا القرارات الجديدة التي ستكون غداً.
فيما يتعلق بالجانب الثقافي، إن التأثير الأكبر هو فقط فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية في بعض الأماكن وليس كلها، بالتالي الجانب الثقافي كان له أثر في فلسطين في انتشار المرض ولكن في أماكن معينة فقط، حيث لم يستوعب المواطنين فكرة الحجر بعيدا عن الأقرباء والجيران وأهالي الحي وهو ما كان السبب في انتقال الفيروس نتيجة الاختلاط ولكن ليس هو بالتأكيد السبب الأساسي
أن الحكومة اتخذت الاجراءات الصحيحة منذ البداية وفي وقت أبكر من المتوقع، حيث مع ظهور أول حالات في مدينة بيت لحم تم اتخاذ الاجراءات السريعة والقيام بالإغلاق الكامل للمدينة، ولكن باعتقادي إحدى المشاكل التي أدت إلى ازدياد الحالات لدينا هو أولا عدم الالتزام بمناطق معينة بعدم تبادل الزيارات الاجتماعية والالتزام بالبيوت أولاً وثانيا العمال الفلسطينيين الذين يعملون بالداخل المحتل منهم لم تظهر عليه أعراض الفيروس وخالط عائلته، والعائلة خالطت المحيط وهكذا، ومنهم من لم يرغب بالالتزام بالحجر الصحي الصحيح في مكان منعزل ومنفصل 100%، بالتالي باعتقادي كان هناك قلة وعي من المواطنين في مناطق معينة أدت إلى انتشار الفيروس أكثر
لم تكن هنالك استجابة فعلية في بداية الأمر وخاصة بعض صدور قرار الحظر بشكل مفاجئ ادى إلى تزاحم بشكل لا يوصف على المحال وخاصة الغذائية واللحوم وذلك لسد حاجيات الأساسية باعتبارها مصادر أولية في ظل عدم وجود تخطيط استراتيجي للتعامل مع الأزمة من قبل الحكومة.
التزم جزء كبير من الناس للإجراءات المتبعة وعند شعورهم بعدم تسجيل أي اصابة في خلال منتصف شهر فبراير ومطلع شهر مارس عادت الناس لممارسة حياتها طبيعية حتى تم تسجيل أول حالة.
رغم عدم تسجيل حالات كثيرة في ليبيا والتي اعتقد بأنها تعود لعدة اسباب فالدولة تعاني من الصراعات وهي غير مستقرة مما قلل من فرصة السفر إليها ومعظم قاطنين بها لا يسافرون في عادة الا للعلاج في عدد من الدول العربية "تونس - مصر-الأردن" للعلاج وعدد بسيط لغرض الدراسة في عدة دول مختلفة، وكذلك دراية الجميع بهشاشة المنظومة الصحية.
وحسب المؤشرات التي تم رصدها بأن معظم الناس تكيفت مع الوضع الراهن وذلك باستغلال أوقاتهم بما يفيد كالقراءة ومتابعة البرامج التوعوية الهادفة عبر وسائل الاعلام المتنوعة وقد لعبت عدداً من منظمات المجتمع المدني دوراً كبيراً في هذا السياق، واعطى هذا التكييف نمطاً مغايراً لما هو متعارف عليه من خلال التقصيد في الطعام والابتعاد عن الكماليات والاستفادة من الأدوات والحاجيات القديمة والالتجاء إليها بهدف التقنين كمعاصر الزيتون وزراعة المحاصيل المتنوعة واستعمال الخشب في الطهي وعدم استخدام السيارة الا للضرورة القصوى.
ويظل الهاجس الحقيقي هو عدم التزام البعض بالتعليمات الواردة نظراً للتركيبة العشائرية المتعارف عليها كمثيلاتها في عدد من الدول العربية.
بالفعل كان وقع الصدمة بإقرار الحجر الصحي وحالة الطوارئ في المغرب له أثر كبير على مختلف شرائح المجتمع، خصوصا لفجائية هذا الحدث التاريخي الذي لم يعش العالم حدثا مشابها له بعد الطاعون الذي انطلق من الديار الإسبانية، لينتشر في مختلف بقاع العالم قبل قرن من الزمن.
لم تتقبل فئة كبيرة من المجتمع في بداية الأمر أن عليها التزام بيتها بدون خروج إلا للضرورة، خصوصا الفئة التي تستقي قوت يومها من العمل اليومي غير المهيكل، فكان خرق قانون الحجر الصحي منتشرا إلا أن الصرامة التي شنتها القوات الأمنية، والمنح المالية التي خصصتها الحكومة المغربية، والتضامن الذي أبداه الشعب المغربي مع بعضه البعض.. كلها عوامل ساعدت في التزام المواطنين بالحجر الصحي مع استمرار الاستثناءات بطبيعة الحال.
يعود السبب في الضجة التي أحدثها جائحة كورونا في العالم وكيف أنها غيرت الوضع الروتيني وقلبت موازين التخطيطات الاستراتيجية التي وضعتها الحكومات والشركات والأفراد ... يعود إلى أن مثل هاته الفيروسات لا تفرق بين الغني والفقير، لا تفرق بين المسؤول الحكومي ورجل الأعمال والموظف البسيط والعامل والعاطل عن العمل، الجوع يقتل كل عام ما يقارب ثمانية ملايين إنسان لكنه لا يحدث ضجة! لـأنه لا يقترب من المحيط الشخصي للأفراد الذين لهم صلاحية صناعة القرار السياسي والاقتصادي في العالم.
فيروس كوفيد 19 رغم الأضرار الكبيرة التي خلفها خصوصا وأنه وضع حدا لمئات الآلاف من الأشخاص حول العالم... إلا أنه جعلنا نرى المسؤول السياسي الذي يشتغل بجدية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وعدم الاكتراث للضرر الاقتصادي الذي تلحقها بعض القرارات مثل إقرار حالة الطوارئ لشهر أو شهرين، كوفيد 19 أظهر لنا الفئات التي تستحق الشهرة والتقدير والأوسمة من رجال ونساء قطاعات الطب والأمن والتعليم والنظافة، كوفيد 19 جعل الشعب يتضامن مع بعضه البعض ويفكر في خلق توازن معيشي بين الجميع، كوفيد 19 أخرج المجتمع المدني للوجود بسلسلة من البرامج والمشاريع الاجتماعية المؤثرة.
العالم بعد هاته الجائحة ليس كما كان قبلها، وآمل أن تكون هي الفرصة التي لطالما انتظرناها لرفع الوعي والتركيز على جودة قطاعي الصحة والتعليم وضمان العيش الكريم للمواطنات والمواطنين.
ليس بالأمر الهين أن يتقبل شعب اجتماعي جدا أن فيروس غير مرئي يحرمه من علاقاته الاجتماعية وحتى أقرب الناس له. التوانسة استقبلوا الإجراءات الوقائية للحجر والتباعد الاجتماعي ومنع التصافح والزيارات بأسف كبير. شعب علاقته الاجتماعية تتمحور حول تبادل الزيارات والتصافح والتبادل السلام الحار وارتداد المقاهي بعد إنهاء العمل والبعض الأخر في المطاعم والملاهي. أما الأغلبية التي لها أقارب وأبناء يعيشون في الخارج في ايطاليا وفرنسا واسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين ...لم يتقبلوا فكرة أنهم سيحرمون منهم لفترة نصف شهر.
أما الشق الأخر تهافت في البداية على المواد الغذائية واستمرت المتاجر مفتوحة وبعض المقاهي والمطاعم رغم القرارات التي فرضتها الحكومة التونسية. لكن هذا جعل إستراتيجية وزارة الداخلية تكون أثقل تصل إلى حد الخطية المالية وسحب رخص السياق والبطاقة الرمادية وقضايا عدلية التي تصل إلى السجن لكن من يخترق حضر التجوال وقضايا أخرى في حاملي الفيروس والغير الممتثلين للإجراءات الحجر الصحي الإجباري.
صحيح لم تكن سهلة كل هذه الإجراءات لكن بالتوعية والقرب من المواطن الذي يصطف أمام مكاتب البريد لسحب النقود وأمام البنك وأمام المتاجر الكبرى كان لها إثر جيد ولاحظنا نقص كبير في التزاحم وأصبح المواطن هو الذي ينصح بالتباعد في الصح وعدم التصافح. وبعد ظهور ثلاث حالات في مستوى مدينتي تغير الوضع وشوهد التزام كبير.
لكن بداية من 4 ماي مع قرار حكومي برفع الحجر التدريجي والتوجه للحجر الموجه الذي خلق نوع من الفوضى في عديد الجهات.
اختلفت ردود الفعل بالمغرب بين المواطنين كثيرا، بين متقبل للإجراءات الاحترازية من أجل الوقاية، وبين رافض لها كون الحجر الصحي سيؤدي به الى فقدان عمله، حيث هناك من يشتغل اليوم بيومه، وقد حدثت وللأسف حالة انتحار في أوائل ايام الحجر لرب أسرة بسبب عدم قدرته على توفير حاجيات اسرته، وهدت مواقع التواصل ساحة خصبة لتنزيل تلك الردود، بين ساخر من كل فعل تقوم به الحكومة، وبين متتبع لكل الاخبار سواء كانت حقيقية أو زائفة، وبين متحر الدقة في الاخبار ومحاولة الحصول على المعلومة من مصادرها الموثوقة
لقد عرفت فترة الحجر الصحي احداثا لم تكن متوقعة، حيث خرج مجموعة من الناس ببعض المدن ليلا وفي جماعات، عملت على أثرها السلطات على اعتقال المتسببين بتلك التجمهرات، والتي كان لها ما كان من تسبب في انتشار الفيروس أكثر فأكثر
لكن ومع مرور الوقت، بدأ يظهر تقبل الساكنة للأوضاع بعدما راو سرعة انتشار الفيروس وفتكه بمجموعة من الناس سواء محليا، وطنيا أو دوليا
ماهي المبادرات التي نفذتها او تنفذها مؤسسات المجتمع المدني للتخفيف من ضغوط الإجراءات الجديدة على المواطنين؟
أهم استجابات هذه المؤسسات هو التحول الرقمي الكبير في الانشطة والفعاليات وخصوصا الاجتماعات والورش التدريبية والتعريفية والنقاشية والاعتماد على التواصل عن بعد باستخدام تقنيات الاجتماعات عن بعد ومحاولة اشراك قطاعات واسعة من الناس في هذه الانشطة كما تقوم به حاليا عدد من الجمعيات.
العديد من المؤسسات حولت خدماتها إلى العالم الرقمي، ولكن الجديد أن بعض هذه المؤسسات أصبحت خدماتها تقدم على مدار الساعة خاصة المؤسسات التي تعمل في مجال حماية النساء من العنف، حيث تم تقديم خدمات الاستشارات النفسية والقانونية وتقديم استشارات في مجال التعليم على مدار الساعة.
ولكن للأسف تزايدت حالات العنف المنزلي بشكل كبير، حيث بحسب آخر احصائيات صدرت عن مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي أنه بالفترة ما بين 5 آذار وحتى 5 نيسان استقبلت المؤسسة 228 اتصال هاتفي عبر الخط الآمن، 109 منهن طلبن استشارات قانونية، و 119 لديهن بالأصل قضايا قانونية واجتماعية مفتوحة بالسابق، وبحسب جمعية المرأة العاملة تم تقديم 924 جلسة استشارات نفسية، وبلغت نسبة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي 41% من هذه الحالات، ف باعتقادي أن العنف هو أصل موجود في إطار هذه الحالات فهو ليس بجديد ولكنه تزايد، والظهور الأكبر لحالات العنف لن يظهر الآن وإنما بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، حيث ستتمكن النساء من الشعور بالأمان للحديث عن العنف نتيجة ابتعاد المعنفة عن بيئتها.
منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد على المستوى الوطني، تحركت جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة، على عدة جبهات، ضمن دائرة استهداف هذا الفيروس وكسر شوكته، وذلك من خلال عدة مبادرات تسعى للتخفيف من آثار هذه الجائحة.
وتتوزع هذه المبادرات، التي تتم بتنسيق مع السلطات المحلية، توزيع سلال غذائية، وتمكين تلاميذ ينتمون لأسر معوزة من أجهزة تساعدهم على متابعة دراساتهم عن بعد، والتوعية بخطورة كوفيد 19، وإقامة لقاءات وندوات ونقاشات عن بعد لاغتنام فائض الوقت خلال فترة الحجر الصحي.
كما تمت برمجة وتنفيذ بعض البرامج التي تشمل لقاءات توعوية وتحسيسية وندوات ونقاشات ومسابقات ثقافية تركز في جانب منها على الحالة الراهنة، من أجل المساهمة في التغلب على هذا الفيروس.
زيادة على تنظيم لقاءات عن بعد لفائدة الشباب، يتم فيها التركيز على تجاربهم ومسارهم المهني، واتخاذها نماذج يحتذى بها، ويتم أيضا تنظيم لقاءات تكوينية حول التشغيل الذاتي وإنشاء المقاولات لفائدة الشباب.
إن مبادرات جمعيات المجتمع المدني، تنم عن حس تضامني وترسل إشارات للاقتداء لكل مواطن باستطاعته الانخراط في المبادرات التضامنية لتجاوز هاته المحنة التي ألمت ببلادنا وبسائر بلدان المعمور.
وفيما يلي المزيد من نشاطات المؤسسات في المنطقة: